من وانا صغير، كنت كل ما اسأل بابا وماما ليه بيعملوا حاجة معينة مع أخويا مش بيعملوها معايا، يقولوا لي “بكرة لما ربنا يكرمك وتخلف حتعرف”.
كان بيتقال لي كده في حاجات كتير، وبيتعاملوا معايا أنا بطريقة معينة في حاجات معينة بحبها، ويتعاملوا مع اخواتي بطريقة تانية!
لما بقيت شاب، سألت ماما مرة وردت عليا نفس الرد: “بكرة لما ربنا يكرمك وتخلف حتعرف”. ما فهمتش حاجة، بس قلت ماشي، مش لازم أفهم دلوقتي.
قصة الزتونة
أنا من الناس اللي بتحب الحوادق قوي. طبيعة جسمي كده، باحتاج ملح. ساعات أصحى في عز نومي الساعة ٢ أو ٣ الصبح أبقى عايز حتة جبنة أو “زتونة” أو أي حاجة مالحة، وأروح أنام تاني عادي خالص.
من صغري وانا كده، وماما فهمت ده من بدري، وكانت دايمًا تجيب زتون وتحطه في الرف اللي تحت في التلاجة (عشان أطوله).
زينة
من سنتين بالظبط، ربنا رزقني ب “زينة” بنتي. من يوم ما عرفت إنها بنت وهي لسه في بطن مامتها، وانا حسيت بإحساس مختلف تمامًا. واتولدت بيني وبينها علاقة خاصة جدًا تطورت بسرعة من يوم ما اتولدت.
بدأت أخلي زينة تدوق كل حاجة من وهي صغيرة: مربى، لمون، عنب، بطيخ، عصير تفاح، شوكولاتة، آيس كريم، أي حاجة فيها سائل كنت باحط لها نقطة في بقها تدوقها، طبعًا من ورا مامتها عشان كانت بتزعق لي لو شافتني.
مع مرور الأيام، بدأت زينة تحبني بشكل مختلف، أنا اللي باخليها تجرب كل حاجة!
مرة رجعت من بره وأول ما فتحت الباب، زينة كانت بتحبي على الأرض، رفعت لي ايديها عشان أشيلها. دي من أحلى اللحظات في حياة أي أب. شيلتها، قعدت تزعق وتشاور على حاجة، كانت لسه صغيرة قوي ما كملتش سنة ومش بتتكلم، لسه بتكتشف صوتها أصلًا. ما فهمتش، قعدت تشاور تشاور، وانا مش فاهم، لحد ما وصلنا للتلاجة، فتحت لها التلاجة.
قعدت تزعق برضه وتشاور على حاجات جوه التلاجة، فضلت أجرب أديها حاجات تلعب بيها مش عايزاها، لحد ما جت علبة “الزتون”.
طبعا فوجئت! دي عايزة “زتونة” زيي بالظبط! اديتها زتونة، قعدت تمصمص فيها بمنتهى الاستمتاع.
يومها كلمت ماما قلت لها كان عندك حق. مش هافهم غير لما أخلف. قالت لي إيه؟ قلت لها: حفيدتك بتحب الحوادق زي ابنك، ضحكت وقالت لي: شفت؟ ربنا يخليها لك يا حبيبي.
ساعتها عرفت ليه ماما وبابا كانوا بيتعاملوا معانا بشكل مختلف، عشان هم ببساطة فهموا كل واحد فينا بيحب إيه وإزاي وبيكره إيه وإزاي. وكانوا أذكياء في التعامل مع كل واحد فينا بطريقة مختلفة رغم إننا اخوات وفي بيت واحد، بس كل واحد فينا شخصيته مختلفة.
لازم تفهموا ولادكم بيحبوا إيه، وتتعاملوا معاهم إزاي، ربنا بيدينا الأطفال هدية وأمانة، حنتحاسب عليهم يوم القيامة، بس غير حساب ربنا كمان، اللي بتزرعه في ولادك، هتلاقيه في حياتك لما يكبروا. لو زرعت حب وتفاهم وود، هتلاقيهم لما يكبروا بيدوك حب وتفاهم وود.
أما لو انشغلت عنهم بجمع الفلوس بس، وما اديتهمش من وقتك ومجهودك وإحساس، هيكبروا برضه ويسيبوك وما يدوكش من وقتهم ومجهودهم وإحساسهم، وهينشغلوا عنك برضه بجمع الفلوس.
كما تدين تدان.
نسيت أقول لكم، زينة بقت بتستناني كل يوم عشان أفتح التلاجة وأديها “زتونة” ولما بقت بتعرف تفتح التلاجة لوحدها، بقيت باحط لها الزتون في الرف اللي تحت.
2 تعليقان
مقال لذيذ جدا و في نفس الوقت بيوصل قيمة
كلام حلو و المعلومه بتوصل بطريقه سهله و خفيفه