من أسعد اللحظات في حياة أي أم لما تشوف ملامح الشبع على وش ابنها/بنتها. عارفين اللحظة اللي البيبي يخلص فيها رضاعة وينام بهدوء ولطف وعلى وشه علامة رضا ملائكة؟ اللحظة دي أنا عمري ما عرفتها مع ابني يونس!
بداية عظيمة لأم رائعة
قبل الولادة، قرأت كتير جدًا عن أهمية الرضاعة الطبيعية، وإن مفيش أي بديل يساويها في الفوايد. لذلك، ورغم الولادة القيصرية، كان عندي إصرار شديد جدًا إني أرضّع ابني بمجرد ما أشوفه، وإني أبني علاقتنا بدري عشان يألف الرضاعة وما تضيعش عليه فايدة اللحظات الأولى. نجحت في ده فعلًا، وحسيت في أول يوم إني أم عظيمة جدًا، وقدرت رغم الجرح والألم أرضعه وابتدي معاه بطريقة صح. لكن زي حاجات كتير بنجتهد فيها وبتكون النتايج بره التوقعات والطبيعي والمنطق، بدأت الأحداث تبقى غريبة جدًا.
فيه حاجة غلط
الطبيعي إنه لما كان يجوع، يعيط، فأبدأ الرضاعة، فيهدأ ويسكت، لكن المرعب إنه كان بيكمل عياط وهو بيرضع وكان مشهد محزن جدًا. يبدأ رضاعة وهو بيعيط، فيسكت وبمجرد ما الحليب ينزل معدته، يبدأ يصرخ. طفل عمره أيام بين نارين لا قادر يسيب الرضاعة من الجوع ولا قادر يكمل من الوجع، يبدأ يتلوى ويصرخ ويرضع ويبعد ويعيط ويرجع وهكذا. الحدوتة دي مش هيفهمها ولا يحس بصعوبتها إلا نوع معين من الأمهات اللي زيي .. أمهات الحساسية.
بدأت رحلة البحث عن السبب بدري جدًا، خلال خمس أيام من ولادة يونس، لأني حسيت إن فيه حاجة غلط، ودي أهم حاجة بالنسبة لك كأم، طول ما انتي حاسة إن فيه شيء مش طبيعي، يبقى انتي صح. مهما قالوا لك مفيش حاجة، احساسك هو الأهم. هو ده اللي حصل معايا بالظبط.
10 دكاترة كلهم كانوا بيأكدوا إن العياط وكل التفاصيل والأعراض اللي باحكيها عادية جدًا وما فيهاش أي حاجة مثيرة للشك وكان الرد الشهير اللي أصابنا كلنا بحالة من الغضب والإحباط “عادي.. كل دا عادي وطبيعي”.
لحظات الرعب
مش هاقدر أنسى لحظة الإحساس اللي كان بيعصر قلبي مع كل مرة الشمس تروح وييجي الليل، لما والدتي تكون تعبت خلاص وعايزة تنام ومفيش حد معايا، أنا ويونس وبس، كنت باحس برعب شديد، لأني عارفة إنه هيبدأ صريخ وهاكون عاجزة قصاده، لا قادرة أخليه مرتاح ولا قادرة أشبعه ولا فيه دوا بيريحه، ولا فيه دكتور بيقول لي إيه المشكلة، الولد بيتعذب ومحدش هيشاركني الإحساس ده ولا هيسندني.
زي أي أم، مش باستحمل ابني يعيط أو أحس إنه متألم بأي شكل من الأشكال.. زي أي أم كل لحظة صريخ مبهمة ومجهولة السبب كانت بتحسسني بنهاية الكون كله، كأني واقفة على الحافة وخلاص هاقع.
الأمهات الجداد بيشتكوا من الإنهاك البدني، لكن أنا كان عندي إنهاك نفسي أكبر بكتير، شعور عجز الأم قدام وجع ابنها المبهم مرعب.
ازاي اكتشفت حساسية الطعام؟
8 شهور من متواصلة من اللف على الدكاترة، الكبير والصغير، المشهور والمغمور، في إيدي ورقة مكتوب فيها أعراض ابني “خشونة في الجلد، بقع حمراء في الوجه، براز أخضر اللون به مخاط، حشرجة في الصدر، صريخ هيستري لحظة الرضاعة، ارتجاع عنيف، التهابات بشعة وبدون سبب في منطقة الحفاظ رغم العناية الشديدة بالنظافة”.
في مرة من المرات كتبت الأعراض على مجموعة في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك على أمل حد يقولي ابني عنده ايه لأني كنت يأست من الدكاترة، فلاقيت رسالة من أم بتقولي “ابنك عنده حساسية طعام”.
من اللحظة دي، بدأت أدخل على مجموعات حساسية الطعام، وأعرف أكتر عن المشكلة دي، عرفت إن أطباء قليلين اللي بيعترفوا بحساسية الطعام وبيتعاملوا معاها، وأطباء أقل اللي بيقدروا يتابعوا مع الأم لحد لما الطفل يخف، ومن هنا بدأت رحلة أصعب.
قايمة ضخمة من الممنوعات
هل ممكن ابنك/بنتك يكون نفسه في حاجة من محل المخبوزات اللي تحت البيت وبيعيط لأنه جعان، فتمنعيه وتقولي له لأ مش هتاكل؟ أمهات الحساسية بيعملوا ده وقلوبهم بتتعصر.
لما بدأت متابعة، اكتشفت إن ابني عنده حساسية متعددة، وعلاج الحساسية المنع، طيب هو بيتحسس من ايه؟
من اللبن ومشتقاته –زبدة وكريمة وزبادي وكازين اللبن اللي هو مادة حافظة بتدخل في كل المعلبات المقفولة حتى العصاير! – البيض، اللحمة، المكسرات بأنواعها، الصويا – بما في ذلك زيوت الخليط اللي جواها صويا – السمسم – بما يشمله من طحينة وحلاوة طحينية – الموالح زي البرتقال والليمون، القشريات البحرية – زي الجمبري والحار – البطاطا، الحمص، الترمس، وكانت القايمة بتطول مع الوقت.
لما تم ابني السنة، كان زي كل طفل، نفسه يدوق ويستكشف لكن احنا كنا بدأنا في رحلة صعبة من العزلة، ما نقدرش نتعزم عند حد لأننا هنعجز عن حصر الممنوعات، ما نقدرش نشتري أي حاجة حلوة من السوبر ماركت أو الكشك، ما نقدرش ناكل برا أو نطلب أكل جاهز.
لما وقعت من طولي
اللي ناس كتير ما تعرفهوش إن أمهات الحساسية مجبرين يمتنعوا عن أكل كل الأكلات اللي أولادهم بيتحسسوا منها لأنها بتنزل للطفل في اللبن، وده كان سر تعب ابني من أول يوم ليه في الدنيا، امتنعت عن الأكل عشان خاطره، أكلي بقى عبارة عن خضروات وأنواع قليلة من الفاكهة وفراخ فقط.
كانت أكتر حاجة بافتقدها طول الوقت ده كوباية النسكافيه باللبن، فجأة بقيت أشرب كل حاجة سادة! طول الوقت ده كنت باشتغل لكن فجأة ضعفت جدًا، مخزون الحديد والكالسيوم في جسمي انهار تمامًا مع كم الأكل الممنوع عني بإرادتي، فقدت 15 كيلو من وزني، وفي النهاية أصبحت عاجزة حتى شيل ابني أو إني أطلع سلم، قعدت من الشغل فترة مش قصيرة لحد لما أخدت قرار بفطامه في عمر السنة وخمس شهور، كنت أتمنى أكمل له رضاعة لحد لما يكمل السنتين لأني مصدر الكالسيوم الوحيد تقريبًا بالنسبة ليه، والشكل الوحيد للبن اللي بيقدر ياخده لكن كان غصب عني عشان أقدر أواصل رعايته.
تجربة الفطام كانت صعبة جدًا بالنسبة ليا، كأن جزء من روحي بينتزع، ما كانش سهل أبدًا عليا أحرمه من حقه فيا، صحيح الفطام كان تدريجي وتم بدون أي شكل من أشكال المعاناة أو العذاب بالنسبة له، لكني بكيت كتير. ولما اتفطم، لاقتني عاجزة إني أكل من الأكل اللي هو محروم منه! إزاي آكل حاجة ابني ممنوع منها؟ فضلت كده فترة مش قصيرة لحد لما قدرت أرجع أكل تاني مع شعور عظيم بالذنب.
نهاية سعيدة
ما كنتش أتخيل لحظة إن يونس ممكن يخف، لكن كرم ربنا أعظم من كل حاجة، ودي أكتر رسالة في كل مناسبة تخص الحساسية باكون حريصة إني أقولها، صحيح ما خفيناش من كل حاجة، لكن الأساسيات زي اللبن والبيض واللحمة وغيرهم بقينا تمام، باحرص إني أقول وأأكد إن الحساسية بتخف والمعاناة نهايتها سعيدة رغم كل شيء.. لو انتي أم حساسية، رسالتي ليكي إن كل حاجة هتكون أحسن مما تتخيلي.. بيخفوا.. كل حاجة بتكون تمام.
4 تعليقات
هفضل ادعيلك عمري كله لاني كل ما اقرا حاجه اكتئب افتقد حد يدي الواحد امل ربنا يباركلك فيه وما تضري ابدا
شكرا علي كلامك ودعواتك لچنة بنتي
حقيقي ادتيني امل شكرا
انا كمان ابني عنده حساسيه من كل حاجه لو حد اكل حاجه ولمسه بالغلط بيورم انا فعلا مضغوطه ولا عارفه ااكل ولا اعمل اي حاجه بعمله عيش في البيت مفيهوش اي حاجه تجبله الحساسيه … خايفه افضل كده بيصعب عليا اوي هو دلوقتي ١١ شهر شكرا جدا انك كتبتي كده
سلام حبيبتي ام يونس وانه اقرا الي انتي كاتبه بالضبط هاذا الي امر فيه حرفيا 😭😭 ياريت تساعديني 😭😭😭 وقفت كل منتجات الالبان بس باخذ حبوب الكالسيوم هل بتضر واي عمر خف ابنك عمر ابني ٤ اشهر ساعديني في التجربه عشان انتي فهماني
ممكن نعرف كنتى بتتابعى مع دكتور مين ؟ و يونس خف على سن كام ؟ وهل اثناء المنع حدث انه تناول البان بالخطا ؟
شكرا