محتويات المقال
في حملي الأول، وقبل ما أعرف نوع البيبي، كنت محتارة أطلب من ربنا إيه. حقيقي ما كنتش عارفة أنا عاوزة ولد ولا بنت، ومن هنا اتخلق السؤال جوايا: هي خلفة الولاد أحسن ولا خلفة البنات؟
ولد ولا بنت؟
في الأول، اتمنيت تيجي لي بنت عشان تبقى سندي، ولأن عندي قناعة إن البنات بتكون أقرب لأمهاتها في الكبر من الولاد. لكن أمنيتي اتغيرت وأنا راجعة في يوم من شغلي والدنيا كانت زحمة جدًا، والناس بتسابق بعض عشان يلحقوا يروّحوا. وعلى موقف ميكروباصات، كانت الستات واقفين مش عارفين يلحقوا أي مواصلة لأن الرجالة بتهجم على أي ميكروباص ييجي حرفيًا. وافتكرت وقتها كل حكايات القهر وسوء المعاملة والاستضعاف اللي بتحصل للستات في مصر. فقررت إني أدعي ربنا يرزقني بولد، عشان يكون سند ليا وعشان ما يتبهدلش. ويومها قلت لربنا: “يا رب مش عاوزاه يتبهدل، هاته ولد مش عاوزة بنات”.
بعدها بفترة مش كبيرة، كنت عند الدكتور وبيعمل سونار عشان يقول لي ولد ولا بنت. وطبعًا كان قلبي بيدق جامد جدًا، لحد لما قالي ولد. في اللحظة دي، طلعت مني ضحكة عالية بطريقة معينة لدرجة إن الممرضة اتضايقت، وتصورت إني من النوع اللي بيكره خلفة البنات، وإني معتبرة حملي في ولد نصر، وده طبعًا ما كانش حقيقي.
ربنا أراد يديني الدرس كامل وبعت لي “يونس”، اللي كان له نصيب كبير من اسمه في المعنى، وفي أحداث حياة سيدنا يونس اللي كلها اختبارات وضيق، ومواقف علمتني دروس كتير جدًا عن خلفة الصبيان اللي بالمناسبة لا تقارن بخلفة البنات!
نخاف على مين أكتر؟
لما يونس اتولد، اكتشفت إني خايفة عليه بطريقة مرضية، خايفة حد يلمسه، أو حد يبوسه، خايفة عليه من الدنيا، ومن نفسي، ومن أي تقصير ممكن يحصل في حقه. لما اتولد، عرفت إن الخوف واحد، ما بيفرقش في قلب الأم ناحية أولادها بين ولد وبنت.
اتأكدت من المعلومة دي لما ربنا أكرمني بسلمى. واللي على العكس ما كنتش مرعوبة عليها زي يونس. واكتشفت إن خوفنا وقلقنا والمخاطر اللي في بالنا ناحية أولادنا مالهاش علاقة الطفل ولد ولا بنت. لكن لها علاقة ده أول ولّا تاني طفل؟
الحقيقة اللي اكتشفتها إن الولاد عليهم ضغوط، وبيواجهوا مخاطر ما تقلش عن اللي البنات بتواجهها. الولاد زي البنات في الطفولة، مجرد أطفال: هشّين، لطاف، محتاجين صبر وقوة وحماية. الأخطار اللي بيتعرضوا لها واحدة، والضعف والحاجة للحماية واحد.
مين أشقى؟
دايمًا فيه قناعة إن البنات أهدى من الولاد، والحقيقة إني كنت واحدة من الناس اللي متبنية القناعة دي، لحد لما خلفت واكتشفت اكتشاف يستحق التأمل.
الشقاوة ما لهاش علاقة الطفل دا ولد ولا بنت، الشقاوة لها علاقة بحاجات تانية كتير جدًا النوع مش طرف فيها. باختصار الموضوع مجرد حظ، وفي حياتي عمومًا شفت صبيان غاية في الهدوء واللطف يتحطوا على الجرح يطيب، وشفت بنات مش قادرين يقعدوا ثانيتين على بعض. الفكرة مين جه الأول، لو الطفل الأول هادي، فالطفل التاني هيقلده وغالبًا شقاوته هتكون مقبولة. أما لو الطفل الأول مهيبر، فحتى لو التاني هادي هيتجنن مع الوقت، وده اللي حصل معايا.
محدش أشقى من التاني، كلهم أطفال محتاجين يتحركوا وينطلقوا، ومش عاوزيننا نقول لهم “لأ” أبدًا، وإلّا تبدأ وصلة العياط الهيستري اللي هو “عشان تبقي تقولي لأ”.
نفسك في ولد ولا بنت؟
الصبيان نعمة كبير من ربنا، وعالم غني جدًا، مليان مشاعر الأم بتحبها رغم كل التعب والإرهاق والبهدلة. تجربة حقيقي بتعلّم في قلبك وروحك وبتسيب بصمة مستحيل تنسيها. أما البنات، فهم نعيم الدنيا بجد، سكر بيحلّي الدنيا يوم بعد يوم، وونس حقيقي ما لهوش حل. إن كان المولود ولد أو بنت، فهو حقيقي كنز مقفول، كل يوم هتكتشفي فيه حاجة جديد تاخدك لعالم تاني رائع ومميز وسعيد.
التعليق باستخدام حساب فيس بوك