أكيد كلنا كأمهات بنات، اترعبنا اليومين اللي فاتوا -ومازلنا- بعد الكم الرهيب اللي اتنشر عن قصص التحرش والاغتصاب، والحمدلله أغلبنا بأه عنده الوعي إنه يعلم أطفاله حدود مساحته الشخصية ويعرفه إن محدش أبدًا له الحق في كشف أو لمس جسمه مهما كان قريب، لكن هل دورنا كأهل عمومًا وأمهات خصوصًا بينتهي لحد هنا؟
اللي لاحظته في كل القصص والشهادات اللي اتقالت إن في عامل مشترك بيجمع القصص دي كلها: غياب الأهل عن المشهد تمامًا، في منهم بيغيب حتى لما تحصل الكارثة وفي منهم بيفوق ساعتها.
كتير من القصص كانت البنت بتبدأ كلامها بـ : كنت بمر بحالة نفسية صعبة، كنت مخنوقة، كان عندي ظروف وبعدين ظهر “حد” يحتويني في الفترة دي.
حكايات تانية كان فيها تصرفات وخروجات طويلة لبنات مراهقات بدون معرفة الأهل، إزاي؟
وأصعب جزء في القصص على الإطلاق لما البنت كانت بتتعرض لتجربة تحرش أو اغتصاب وتنهار ومتقدرش تحكي لأهلها، ده بالنسبة لي كان أكتر حاجة محزنة قرأتها واتخيلتها إن بنت تكون على سريرها مقهورة وتايهة ومامتها في الأوضة اللي جنبها متعرفش بنتها بتمر بإيه، وده تحديدًا اللي خلاني أكتب المقال ده..
رسالة إلى بنتي..
لما تكوني مخنوقة من أي حاجة في حياتك، متخبيش عني ولا تفكري إن الحاجة دي تافهة بالنسبة لي، لأني فعلا مش هشوفها تافهة طول ما هي مضايقاكي…
لو -لا قدر الله- اتعرضتِ لأي تجربة تحرش، متخبيش عني، عمري ما هحملك الذنب ولا هقولك إنتِ السبب، ولا هقولك خبي الموضوع عشان الناس، بالعكس أنا هقف جنبك وأجيبلك حقك من أي مجرم تقابيله في حياتك.
أي حاجة عاوزة تعمليها، تعالي قوليلي عليها وهنتفاهم، لكن ما تعمليش حاجة من ورايا علشان خايفة إن أنا أرفض، لأن حتى لو أنا رفضت هرفض بهدوء وأفهمك أسباب رفضي لحد ما تقتنعي وأكيد هلاقيلك بديل يرضيكي.
أصحابك مهما كان شكلهم مؤدب “وولاد ناس” بس ده لا يعني إنك تحكيلهم عن أسرارك الحميمة، أو تقلدي تصرفاتهم أو تعملي أي حاجة يطلبوها منك لو هي عكس مبادءك، لازم تعيشي بشخصيتك إنتِ وتفكري بعقلك قبل عاطفتك.
أي راجل في الدنيا غير بابا متسمحليوش يتجاوز حدوده تحت أي مسمى، زميل، مدرس في المدرسة، معيد أو دكتور في الجامعة، طبيب، صحاب أخوكي، أبو أو أخو صاحبتك.. أو ..أو مهما قالك إنتي زي بنتي أو زي أختي، ومهما كان شكله محترم، ولو حصل، أول حد تجري عليه تقوليله هي ماما، حتى لو كان الراجل ده حد من قرايبك، متقلقيش مصلحتك وصحة نفسيتك عندي أهم من أي حد وحاجة في الدنيا.
الفيسبوك والسوشال ميديا مش عالم نثق فيه أبدًا، ممكن نكوّن عليه معارف وعلاقات مفيدة، لكن أبدًا مش عشان نحكي أسرارنا لأي حد عليه مهما كان باين من صوره وبوستاته وكلامه إنه عاقل ومحترم.
وفي الآخر عاوزه أقولك إني جنبك وفي ضهرك طول الوقت، عمري ما هزعقلك أو أخوفك لما تيجي تحكيلي، وخليكي واثقة إنك في الأولوية الأولى في حياتي، فمهما لقيتني مشغولة بحاجات اعرفي إني لا يمكن اتشغل عنك أبدًا، أنا موجودة بكل كياني معاكي في كل وقت.
بحبك مهما حصل.. ماما
التعليق باستخدام حساب فيس بوك