جملة أم، قالتها بقلب موجوع وحزن على موقف ابنها والصورة اللي الناس رسمتها له بسبب تصرفاته وعلى نظرة الناس ليها على الرغم إنها أول واحدة بتتمنى ابنها ما يضربش أي طفل.
الناس بتبص لها على إنها أم مش عارفة تربي ابنها وبيحكموا علىها إنها ما عندهاش إحساس بالمسؤولية. لكن هي خايفة على ابنها من الصورة اللي هيكبر عليها والراجل اللي هيكونه لو استمر واتعود على التعبير عن غضبه بالضرب. هي أم حاولت ولسه بتحاول مع ابنها بكل الطرق عشان يبطل يتصرف بعنف ويقدر يعبر عن نفسه بطريقة صح.
وفي نفس الوقت الأم اللي طفلها بيتضرب هي كمان موجوعة وغضبانة ورافضة الأذى لطفلها وما عندهاش أي استعداد للتعاطف مع أم الطفل اللي بيضرب طفلها.
للأسف الشديد بنشوف أمهات مش فارق معاها غير ولادها ومشاعرهم وراحتهم ومش بيسعوا بجدية لحل المشاكل اللي بيسببوها لغيرهم. لكن الحقيقة إن مش دايمًا أهل الطفل اللي بيتنمر على غيره أو بيضرب أصحابه لازم يكونوا أهل مقصرين في تعديل سلوكه أو مهملين ومش مهتمين بمشاعر غيرهم أو حابين يربوا طفل “فتوة”. الحقيقة إن فيه أهل كتير بيحاولوا وبيخبطوا على كل الأبواب عشان يعدلوا من تصرفات طفلهم ويحلوا المشكلة وموجوعين على ابنهم وعلى ولاد غيرهم.
في الحالة دي، باحس إني متعاطفة مع الطرفين ومتفهمة موقفهم لإن في النهاية قلب الأم واحد في أي زمان ومكان. ومهما كان وضع طفلك فانتِ هتفضلي أكبر وأقوى دعم له. المهم إن حبك له ما يأذيهوش ولا يؤذي غيره.
وما بين الأم اللي موجوعة وغضبانة عشان ابنها بيضرب أطفال تانية والأم اللي زعلانة وثايرة وقلقانة عشان ابنها بيتضرب ومش عارف ياخد حقه، هنفضل نلف في دايرة مغلقة. يوم ولادنا بيتضربوا ويوم مضروبين. ما لهاش حل غير إننا كأمهات نساعد وندعم بعض من غير أحكام أو تنظير، وإننا نربي ولادنا واثقين في نفسهم وقادرين يدافعوا عن نفسهم؛ فاهمين مشاعرهم وعارفين يعبروا عنها بطريقة صح، ومتقبلين للاختلافات ومتعاطفين ومراعيين لمشاعر غيرهم.
في المقال ده، هاقول لكم شوية نصايح من متخصصين لأي أم طفلها بيضرب غيره عشان تقدري تساعديه يتخلص من العنف أو التعبير عن نفسه “بالدراع”.
- أول وأهم خطوة من خطوات الحل إن لو في حد فيكم في البيت بيستخدم العنف أو الضرب في التعبير عن غضبه أو مع الطفل، توقفوه فورًا. ما ينفعش نطلب من طفل يتغير ويسيطر على مشاعره وردود أفعاله واحنا مش عارفين نعمل كده.
- مهم جدًا إنك تعرفي السبب ورا سلوكه. دوّري على السبب ورا عنفه أو طريقة تعبيره عن نفسه بالضرب أو السخرية من غيره. ممكن يكون مش حاسس إنه مهم ومميز كفاية، فبيثبت ده بطريقة غلط، بيلفت النظر له، بيشوف حد بيعمل كده فبيقلد، بيتفرج على شاشات كتير أو كارتون عنيف، مش بيعرف يعبر عن نفسه صح ومش متمرن كفاية على التعبير عن مشاعره.
- لما يضرب طفل غيره ما تهاجميهوش وتعاقبيه وتزعقي له من غير ما تسمعيه. لإن العقاب مش هيجيب نتيجة عشان يبطل اللي بيعمله. أنا عارفة إن بفطرتنا وباللي اتربينا عليه، أول وأسهل حل بالنسبة للأم إنها تعاقب الطفل اللي بيضرب غيره وتوجعه عشان يحس بوجع غيره. لكن للأسف مش ده الحل. الدراسات الحديثة كلها أثبتت إن العقاب بيعمل تشتيت distraction لمخ الطفل. بدل ما يقدر يفكر في الموقف وإن إزاي يعوض اللي أذاه وما يكرروش تاني، بيخلي مخ الطفل يفكر بس إنه كان له مبرر في اللي عمله وإنه كده بيتعرض للظلم، فبيكبر عنده رغبة في الانتقام والتمرد وكل تفكيره بيتجه لـ “إزاي المرة الجاية أعمل اللي أنا عايزه من غير ما أتعاقب؟”
- بدل ما نحطه على طول في وضعية الدفاع عن نفسه، نسمع منه إيه اللي خلاه يضرب أو يتريق على غيره ونعمل له إقرار مشاعر زي: “آه أنا فاهمة فعلًا إنه ضايقك عشان كده انت اتعصبت” أو “أيوة، حاجة تضايق إنه أخد قلمك من غير ما يستأذنك”. إقرار المشاعر بينقل عقل الطفل من وضع الدفاع عن نفسه والخناق وبيخليه مستعد يسمع ويفهم بهدوء ويدور على حل للمشكلة.
- ونبدأ نمثّل معاهم ونعملrole playing ونخلي الطفل اللي ضرب يمثل دور الطفل اللي اتضرب ونسأله ها؟ حسيت بإيه؟ طيب هتعوضه عن الزعل أو الأذى اللي انت سببته ده إزاي؟
- لما نحسس ولادنا إننا فاهمين مشاعرهم ومقدرينها ومتقبلينها وإن مش عيب ومن حقهم يحسوا بالغضب أو بالغيرة أو غيرها من المشاعر لكن اللي مش من حقهم هو طريقة التعبير الغلط أو أذية غيرنا ومشاعرهم بسبب مشاعرنا.
- بعد كده، اسأليه بعد ما يهدى ويحكي طيب تفتكر الولد اللي انت ضربته ده حاسس بإيه دلوقتي؟ انتِ عارفة البنت اللي اتريقتي على لبسها ممكن تكون حاسة ناحيتك وناحية نفسها بإيه دلوقتي؟
- نسيبهم هم اللي يتعبوا ويفكروا في حل عشان يصلّحوا اللي عملوه ويراضوا اللي أذوهم. يعني ما أمليهوش أنا الحل في محاضرة أو كعقاب أو حتى أجري أعتذر وأصالح الطفل اللي اتضرب من ابني بدل ابني. لازم يحس بالمسؤولية اتجاه تصرفاته ويدور لها على حل ويكون عارف إن محدش هينقذه.
- لو ابنك عنده مشكلة مع السيطرة على غضبه، تقدري تعلميه تمارين التنفس للسيطرة على الغضب أو تقدري تستخدمي عجلة الغضب للتنفيس عن مشاعر الغضب (هتلاقي صور كتير لها على الإنترنت باسم wheel of anger management ) ممكن تعملوها مع بعض في البيت وكل ما يكون غضبان يختار منها حاجة يعملها قبل ما ينفس عن غضبه. وممكن كمان يحضر ورش التحكم في الغضب للأطفال.
- طبعًا لازم يشيل مسؤولية أخطاؤه ويصلّح غلطته ويعتذر للطفل اللي أذاه ولو أحرجه قصاد الناس يعتذر له قصادهم أو يعوضه بالطريقة المناسبة للغلطة اللي غلطها في حقه. ولازم تكوني صارمة جدًا في النقطة دي. وإن ده مش مقبول منه في البيت أو في المدرسة أو مع أي طفل. بس الفرق هنا إننا نحاول نساعد الأطفال إنهم يفهموا مشاعر غيرهم وإن تصرفاتهم ممكن تسيب أثر دايم في نفس الناس وده مش هيحصل بالعقاب والهجوم واتهامهم لكن نقدر نوصل له لما نستخدم طريقة الطيبة والحزم مع الطفل في نفس الوقت، الطيبة مع الطفل والحزم مع الموقف وتنفيذ العواقب لو الموقف اتكرر.
في النهاية طبعًا المدرسة لها دور كبير جدًا مع البيت لحماية الأطفال ومنع التنمر بينهم. وتعاون الأهل واكتشاف السبب الحقيقي ورا سلوك طفلهم ده من أهم أسباب إنك تنجحي في مساعدته للتخلص من السلوك العدواني اللي هيضر طفلك في المستقبل زي ما هيضر غيره. وما ننساش إن أوقات الطفل المتنمر بيكون ضحية زيه زي الطفل اللي بيتعرض للتنمر والدور الأهم على مقدمي الرعاية في البيت والمدرسة وتقبلهم وتعاملهم مع سلوك الأطفال بشكل صح.
لو طفلك بيتعرض للتنمر إقري المقال هنا عشان تقدري تساعديه.
المصادر
التعليق باستخدام حساب فيس بوك