انتشر من كام سنة مفهوم التايم آوت أو كرسي العقاب على أساس إنه بديل صحي للزعيق أو الضرب وإنه وسيلة مفيدة لعقاب الطفل على التصرفات الغلط. لكن بعد تجربته مع أمهات كتير وبعد ما سألنا الأمهات إللي استخدموا كرسي العقاب عن رأيهم في النتايج وكانت معظم الإجابات: “ما بقاش يفرق مع بنتي”، “ما لوش لازمة ومش بيؤثر فيهم”، “كان له سن معين بس بعد كده بقى زي قلته لما كبرت شوية”.
طيب عايزاكي تتخيلي معايا نفسك كده وانتي بتطبخي وزوّدتي ملح في الأكل، وجه جوزك يتغدى، لقى الأكل مليان ملح، راح مزعّق وقال لك أنا قلت كام مرة الملح الكتير غلط علينا! اتفضلي ادخلي أوضتك اقعدي فيها 5 دقايق فكري في الغلط اللي عملتيه ولو اتحركتي من الأوضة هازود وقت العقاب! وانتي قاعدة بتتعاقبي في أوضتك، هل هتفكري فعلًا في حجم الغلط اللي عملتيه وإزاي ما يتكررش ولّا هتبقي قاعدة متغاظة ومتضايقة من جوزك ومش بتفكري إلا في كده؟
ده بالظبط اللي الأطفال بيحسوا بيه لما بنقعدهم في “النوتي كورنر” أو “التايم آوت” أو كرسي العقاب أو أيًا كان اسمه. فخلينا متفقين من الأول إن فكرة العقاب نفسها فكرة مش ناجحة لإن نتيجتها وقتية: الغلط اللي بيعمله هيقف. لكن على المدي البعيد مش مفيدة، ومش هتعلّمه مهارة للحياة ولا هتعلّمه يحل مشكلاته بنفسه. هو خلاص اتعاقب فمش محتاج يبقى مسؤول عن تصرفاته لإن فيه حد بيراقبه وبيتدخل وبيعاقبه وقت الغلط.
كرسي العقاب تأثيره ممكن يكون فعّال في بداية استخدامه كأداة لأسلوب الثواب والعقاب، لكن على المدى البعيد سلبياته كثير ومن أهمها إنه بيفقد قيمته وبيتعود عليه وسلوك الطفل مش بيتغير. ممكن يكون بيعدّل سلوكه بطريقة مؤقتة في وجود كرسي العقاب، لكن عند اختفاء الكرسي هيرجع السلوك الغلط تاني.
أكيد من حق طفلي أنه يغلط ويتعلم من خطأه ومن حقه يلعب ويكتشف ومن واجبي إني أحذّره وأحميه من الخطر. من حقه إنه يعيش طفولته ومن واجبي تنمية شخصيته. دوري هو التوجيه بس التوجيه مش بالعقاب أو التايم آوت، الطفل عشان يتصرف أحسن لازم يكون حاسس إنه إنسان كويس ويكون مش خايف. العقاب بيحسس الطفل إنه مذنب ومرفوض ومنبوذ عشان غِلِط، وكل ما يكبر، هتزيد معاه الرغبة في التمرد والغضب من أهله طول ما هو لسه بيتعاقب، أو هيتعلم يعمل اللي عايزه بس من غير ما حد يعرف عشان يفلت من العقاب. وكل ده مش بيظهر غير لما بيكبروا. يعني حتى لو حاسّين إن العقاب جايب نتيجة دلوقتي وإن كرسي العقاب بيوقف التصرف الغلط دلوقتي، هتكتشفوا بعد كده إن ما بقاش يفرق معاهم وكمان ممكن تلاقي ابنك/بنتك بقوا يعملوا اللي في دماغهم ويروحوا يقعدوا بنفسهم في كرسي العقاب عادي من غير ما تطلبي، والنتيجة طفل ما بيتعلمش من غلطه.
السؤال اللي بييجي في دماغنا هنا: لو مش هنعاقب، هنربي الولاد إزاي؟ هنعودهم إزاي يشيلوا المسؤولية ويفرّقوا بين الصح و الغلط؟ ولّا هنسيبهم من غير توجيه؟ إيه البدايل اللي أقدر استخدمها بدل كرسي العقاب؟
جين نيلسن – اللي أسست مؤسسة التربية الإيجابية في أمريكا وصاحبة أهم كتاب في التربية الإيجابية – نصحت ببديل من أهم البدايل وهو “positive time out” أو الوقت المستقطع الإيجابي. ده البديل الصحي للنوتي كورنر أو كرسي العقاب لكن هو لا مكافأة ولا عقاب. في نفس الوقت، بيدرّب الطفل على التحكم في مشاعر الغضب والتعبير عنها بشكل صح وبيساعده على اكتساب مهارة حل المشكلات.
طيب بيتنفذ إزاي؟
– في وقت الروقان اللي ما فيهوش مشاكل نقعد مع الطفل ونحضر كورنر في البيت هو بيحبه ونزوده بحاجات تكون يحب يعملها زي إنه يرسم مثلًا أو يقرا كتاب ونقول له إنه لما يبقى متضايق أو بيتصرف بعصبية يروح مكانه يهدا ويفكر وبعدين ييجي نتكلم. خلّوا الأولاد يختاروا المكان اللي عايزينه في البيت ويحطوا فيه مثلًا ألوان وورق يرسموا عشان يهدوا، أو صلصال. ولو كبار شوية، ممكن كتاب بيحبوه يقروه أو أي حاجة تساعدهم يهدوا. حضّروا المكان مع بعض وسمّوه اسم مريح أو funny بالنسبة لهم، ولازم الأم والأب كمان يبقى ليهم مكان.
– الفرق بين الوقت المستقطع وكرسي العقاب إن الطفل بيكون حاسس فيه إنه مش منبوذ أو مرفوض بسبب غلطته وبالتالي يقدر يهدي ويفكر أحسن ويشوف حلول للخطأ اللي اتسبب فيه، وفي نفس الوقت، بتدي نفسك فرصة انتي كمان تهدي فبتتصرفي معاه أحسن، ولما تتكلموا بعده وتتناقشوا في اللي حصل بيكون عنده استعداد يسمع ويصلح ويفكر في إزاي ما يكررش الغلط ده.
حاجة أخيرة محتاجة أؤكد عليها وهي إنه مش معني إننا مش بنعاقب الطفل إننا هنسيبه يكون مستهتر مش بيتحمل مسؤولية أخطاؤه، احنا مش بنعاقبه وبنعامله باحترام وآدمية بس لازم نكون صارمين وقت الغلط ويصحح غلطته ويتحمل عواقبها ويفكر إزاي ما تتكررش تاني ويقدم حلول منطقية، لإن دي الطريقة اللي نقدر نخلق بيها رجالة وستات مسؤولة بيتصرفوا صح عشان بيحاسبوا نفسهم مش خايفين من عقاب أو متراقبين.
التعليق باستخدام حساب فيس بوك