محتويات المقال
كل يوم ليا مع أولادي فيه مليون تفصيلة وتفصيلة، لو أطول أسجل اليوم بطوله عشان مافقدهوش هاعملها، لكن سنة الحياة الأيام تمر، والولاد بإذن ربنا وكرمه يكبروا، كل مرة يناموا بيصحوا مختلفين، حاجة جديدة تزيد وحاجة قديمة تمر، في حياتي معاهم اتعلمت إن اللحظات الحلوة والوحشة الاتنين بيعدوا ومابيفضلش لينا غير الذكريات اللي بحاول أمسكها وأحتفظ بيها من خلال “يوميات ماما رحاب”.
قبل ما نخلف بيكون عندنا أفكار وردية عن شكل الحياة مع الأطفال، وإزاي هانظبط كل حاجة في حياتهم بحيث نخليهم دايما في أحسن حال. وسط أحلامنا بننسى إننا بشر وعندنا التزامات تانية في حياتنا غير الأولاد والبيت ومسئوليات أولها مسئوليتنا عن نفسنا وإننا نكون بخير عشان نفضل مكملين وقادرين نقدم حاجات حلوة لكل اللي حولينا.
أولها فرحة
كنت واحدة من الناس دي، أفكاري مثالية جدا وطموحي كبير، لكن لما خلفت ابني يونس حسيت قد إيه الموضوع مالهوش علاقة بالخيال، واتأكدت تماما لما خلفت بنتي سلمى، إن علاقة ولادنا بالكارتون ليها مقاييس مختلفة عن اللي اتصورناها قبل الخلفة.
من بين الحاجات اللي كنت مقراراها قبل ما أخوض تجربة الأمومة إني ماخليش الولاد يتفرجوا على الكارتون قبل عمر سنتين، وبحدود صارمة، لكن لما بقيت أم، لاقيت نفسي فرحانة جدا وأنا بشوف رد الفعل على وش إبني هو بيتفرج على الكارتون لأول مرة، وقتها مكانش كمل السنة، ونفس الإحساس حسيته وأنا شايفة بنتي بتسكت عن العياط لما أعدي بيها قدام الشاشة اللي أخوها بيتفرج عليها.
آثار الحل السحري
مع الوقت الإنبهار راح واتحول لاحتياج، ابني طفل حركي محتاج طول الوقت أنشطة ورياضة وألعاب حركة وشخص متفرغ مكانش أنا، الوقت الوحيد اللي كان بيبطل فيه حركة لما بيقعد قدام التلفزيون، أعصابي بتهدأ والبيت كله بيهدأ، صبرت نفسي إنها مجرد أغاني كارتونية هاتساعده يتقن اللكنة الإنجليزية، ومفيش منها ضرر، لكن الأغاني اللطيفة، جرت كارتون والكارتون جر تجربة الانطلاق على يوتيوب، وحتى الأغاني اللطيفة اكتشفت إنها مش لطيفة زي ما تخيلت.
بدأت أستوعب أثر الكارتون لما ابني دخل المطبخ يتسحب وطلع بطرمان السكر وطللب مني اقوله جوني جوني وأسأله هل بياكل سكر، عشان يجاوب عليا ويقولي “نو ماما”… أول درس كان الكذب، واتحول الكارتون لحاجة شبه زرار فصل الطاقة، اللي هو عاوزة أخلص من الصداع، الزن، العياط، التنطيط هاشغل التلفزيون.
وسط كل دا حسيت بذنب شديد، إزاي أعمل في ابني كدا، وزاد الشعور لما لمست أثر المشاهدة لاوقات طويلة على استيعابه وتركيزه ومستواه الدراسي، المسألة تحولت لإدمان وأثرت كليا على سلوكه.
لازم حل
لما كان ابني بيروح المدرسة مكنتش بحس بالذنب أوي، كنت بقول هو طول اليوم في المدرسة ومادام عمل الواجب فخلاص يتفرج لحد لما ينام كمكافأة، باختصار كانت الظروف مساعداني على فرملة شعوري بالذنب، لكن المأساة اكتملت مع الإجازة الطويلة اللي كل الأطفال أخدوها بسبب جائحة كورونا، إزاي هاحتمل كل الحركة والشقاوة والزن والعياط طول اليوم بلا فواصل أو أجازات مفيش مدرسة أو حضانة أو حتى نشاط ممكن يروحه !
على الجانب التاني ابني كان كل طموحه من لحظة الاستيقاظ لحد لما ينام إنه يتفرج على الكارتون، في البداية اضطريت استجيب عشان أخلص من الزن، ولاقيت ابني ممكن يقعد سبع ساعات متواصلة وأكتر ولو حاولت أقومه يزوم ويعيط ويصرخ ويتعامل بعنف شديد، لازم ينام قدامه.
هنا قررت إني لازم أعمل وقفه، مش هاشغل التلفزيون تاني لمدة 21 يوم لحد لما يتحول لعادة وفعلا نجحت بشكل كبيرة إني أتحكم في اليوم ولمست تغيير ضخم جدا في ابني، نوم هادئ، تركيز أكتر، لطف، واستجابة أثناء التفاهم، علاقتنا عموما اتحسنت كتير.
انتكاسة
كنت فخورة بنفسي جدا إني قدرت أبطل لابني الكارتون وأصبح يومه بالكامل فيه قدر كبير من الهدوء، بعد الـ 21 يوم بدأت التعليقات زي “حرام عليكي يعني حبسة وكمان مفيش ترفيه لا خروج ولا حتى كارتون” ساعد معاها مشكلة صحية كبيرة اتعرضت لها وخلتني خارج نطاق الخدمة، مرهقة ومريضة جدا ومش قادرة أحتمل الزن ولا أعمل المجهود اللي بعمله في الوقت اللي التلفزيون فيه مطفي، لذلك رجعت تاني غصب عني أشغل للولد الكارتون وقت محدد، لكن المفاجأة إن ساعة بتسحب عشرة، الولد مش هايقوم مادام التلفزيون اتفتح البرامج بتيجي ورا بعض وأي محاولة لانقاذه هايقابلها سيل ضخم من الزن والطلبات وأنا صحيا مش محتملة، لذلك انتكسنا وكل الصفات الجميلة اللي ابني اكتسبها خلال المنع اختفت من تاني.
الدرس
حاليا أنا عارفة كويس إن الكارتون لفترات طويلة وبدون ضوابط غلط، وعارفة إني قدرت قبل كدا أخلص ابني من الإدمان دا، وواثقة إني هاقدر أعمل دا من جديد، أنا بدأت فعلا من تاني، ولجأت لأنشطة منزلية زي القص واللزق، والألوان، لوحة الدبابيس الملونة، لعبة الموازييك، والمكعبات، الألوان والورق، والصلصال.
لجأت لحلول إضافية من ضمنها الشاشة لكن بقوانين خاصة بيا، بدأت أعمل داونلود لبعض مقاطع الفيديو المفيدة اللي عارفة انها هاتعجب ابني لكن مش بلجأ لها غير للشديد الأوي، مقاطع فيها أطفال بيلعبوا رياضة، أو حدوتة عن حرف من الحروف، أو مقطع كارتون فيه فكرة أو حاجة مفيدة.
مازلت بحس بالفشل لما أحس بالإنهاك فاضطر ألجأ للكارتون كحل أخير في الظروف الاستثنائية، لكني مازلت بحاول وواثقة إني مرة بعد مرة أكيد هاوصل لصيغة ترضي ضميري وتساعد إبني وبنتي إنهم يكونوا أفضل.
التعليق باستخدام حساب فيس بوك