محتويات المقال
ليه رفعت إسماعيل؟ وليه ما وراء الطبيعة؟ وليه أصلًا دكتور أحمد خالد توفيق؟ الموضوع أصله قديم، هو بيبدأ مع أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات. يعني فترة جيلنا اللي بقى كله أمهات ومسحول في الحياة. كان لنا صديق خاص ما يعرفهوش أهلنا بس مستخبي وراء روايات مصرية للجيب، كان عندنا رفعت إسماعيل، الطبيب العجوز، صاحب الحظ السيء والقدرة على جذب المصائب له أينما كان، خبير ما وراء الطبيعة، صاحب الأمراض المزمنة والتدخين كمدخنة والكحة كمصحة درن كاملة، اللي علمنا روح السخرية في أسوء المواقف مهما كانت، وحبه لماجي حتى تحترق النجوم.
حلم أحمد خالد توفيق
وكنا دايمًا نستناه إما مع أكواب الشوكولاتة الساخنة في الشتاء، أو نسمات الصيف اللي هربانة من الرطوبة، وحرارتها في الأيام دي، علاقة بدأت وعلمتنا نقرأ. كان الدكتور أحمد خالد توفيق له هدف قدر يحققه: إنه كان بيحلم إنه يتقال عليه “جعل الشباب يقرأون” وحلم كمان إنه يشوف أعماله الكتابية تتحول لعمل فني سواء فيلم أو تلفزيون.
الحلم بيتحقق
وده اللي حصل من أيام بسيطة، خرج للنور أول مسلسل مصري رعب يجسد شخصية الدكتور رفعت إسماعيل على الشاشة، إنتاج شركة نتفليكس، من ست حلقات، كل حلقة قصة منفصلة. الممثل أحمد أمين في ظهور مميز لشخصية رفعت، وعمرو سلامة كمخرج.
آراء في المسلسل
وكان حدث تقريبا محدش ما اتكلمش عليه: الآراء ما بين منبهر وممتعض ومش فاهم حاجة. وغالبًا الفئة الأخيرة هي اللي ما كانش ليها سابق معرفة بشخصية رفعت إسماعيل. لكن الأروع واللي حصل لأول مرة في مصر والوطن العربي كله إن المسلسل ده هيتصنف كواحد من أهم 200 مسلسل على مستوى التاريخ، ولحد اللحظة اللي بكتب فيها المقال مركزه طلع من 194 لـ 172.
أنا باكتب المقال ده وأنا حاسة إني باكتب مقال عاطفي، لأني لما باشوف صدى المسلسل بافتكر الدكتور أحمد خالد توفيق، وما أقدرش أمنع نفسي من الزعل على فراقه. يوم وفاته، قلبي اتكسر عليه أنا وأختى وأصدقائي وبكينا عليه من كل قلبنا. ولحد اللحظة دي مش باقدر أمنع الغصة اللي بتكون في قلبي لما أفتكره. لكن هو استحق النجاح عن جدارة وعن حب. بين صفحات أعداد رواياته عشت مراهقتي أنا وأصحاب عمري، ضحكنا معاه من كل قلبنا وحتى إفيهاته لسه في كلامنا لحد النهارده محدش بيفهمها غيرنا، عرفنا معلومات كتير محدش كان هيديها لنا غيره، فتح لنا باب السؤال، وساب لنا متعة الحصول على الجواب، رسم خيالنا، وساب لنا نعيش الواقع، بنى لنا متاهات، وساب لنا النجاة منها، ويوم ما مات رفعت إسماعيل، كانت آخر صفحة فيما تبقى من مراهقتنا.
فتحية لـ .. الكينونة .. لوسفير .. العساس .. عزت .. عادل .. وحش اللوخ نس .. هن تشو كان .. والرجال الذين لم يعودوا كذلك … وغيرهم كتير.
ولماجي الحب غير المكتمل بس علشان مش عايز يسيب بلد .. والإجابة “للأبد؟” اللي كملت بس لما جه يموت .. لكل ده وأكتر فرحانين بالمسلسل لأنه فتح نافذة على واحد من أجمل ذكريات عمرنا.
“- للأبد؟
ـ ماذا؟
ـ ستظل تحبني للأبد؟
ـ حتى تحترق النجوم وحتى ..
تفنى العوالم ..
حتى تتصادم الكواكب، وتذبل الشموس ..
وحتى ينطفئ القمر، وتجف البِحار والأنهار ..
حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي..
حتى يعجز لساني عن لفظ اسمك..
حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة ..
فقط عند ذلك ربما أتوقف
ربما ..”
أحمد خالد توفيق
1 comment
تسلم ايدك يا يمنى