محتويات المقال
فقدت لحظات كتير جدا قيمة وغالية في ولادتي الأولى، مسجلتش أي لحظة تقريبا، اهتمامي بالكامل كان بابني اللي لسة مولود، كل حاجة كانت ليه وعشانه، الصور والاهتمام والعناية، لذلك كنت فريسة سهلة لاكتئاب ما بعد الولادة.
حسيت إني مليش قيمة لذلك رجعت بسرعة جدا لشغلي، بعد 3 شهور من الولادة، لكن ده في حد ذاته كان معاناة وشعور عارم بالذنب تجاه طفل بلا حول ولا قوة، وكان السؤال أفضل جمبه في البيت وأفقد نفسي ولا أكمل شغلي وأحس بالذنب العارم تجاهه !
اختارت الاختيار التاني وكنت بحاول أعوض شعوري بالذنب من خلال العناية الشديدة بيه في كل تفصيله من تفاصيله، و قررت بيني وبين نفسي إني مش هاحط نفسي في التجربة دي تاني لكن حصل، ولاقيت نفسي مرعوبة من الإجابة على السؤال المهم في حملي التاني “هاتعملي إيه لما البيبي ييجي؟”.. الحمل التاني كان معناه ببساطة جولة تانية مع اكتئاب مع بعد الولادة، لكن المرة دي قررت أقاوم بإمكاناتي البسيطة جدا، كاميرا موبايل جودتها متواضعة، وإصرار شديد في قلبي إني مش هاستسلم أبدا.
الصورة الأولى لطفلي الثاني

الصورة الأولى لطفلي الثاني
يوم 10 أكتوبر 2018 شوفت البيبي لأول مرة على الشاشة، كيان صغنن راكن على جدار الرحم، حسيت كأنه مخلوق زاهد الكون وقاعد بارتياح ساند ضهره على أكتر مكان آمن ومريح في العالم، كنت حاسة بشعور أبعد من السعادة وأعمق من الفرحة، لك فجأة حسيت بقلق وسألت نفسي “هاعمل إيه في شغلي وابني الحركي جدا؟”.
أول خطوة في المقاومة

الآشعة ثلاثة الأبعاد وضحت نوع الجنين
بعد تلات شهور من الصورة الأولى عرفت إنها بنت، حسيت إني أكتر إنسان محظوظ في الكون كله، في اللحظة دي قررت إني مش هاستسلم لشعور الخوف وقررت أبتدي آخد خطوة في طريق المقاومة، قررت أبدأ كورسات لغة إنجليزية كلغة تانية، عملت اختبار تحديد مستوى، وبدأت من المستوى الرابع وبدأت أتعلم جمب شغلي في الجريدة كصحفية، لكن في الواقع مكانش عندي أي فكرة “هعمل إيه بعد الولادة؟” مكنتش بحس براحة نفسية من التفكير والخوف من المستقبل إلا لما ألاقيني شاطرة وقادرة أجاوب صح وبفرق كويس بين الماضي البسيط والماضي البسيط المستمر وعارفة أتعلم مصطلحات جديدة.
آخر صورة في الشغل

اليوم الأخير في الشغل
بعد أربع شهور من المذاكرة والشغل والعناية بابني وبيتي جه اليوم اللي كنت خايفة منه جدا إني مضطرة أوقف كل حاجة عشان المرحلة الجديدة اللي هدخلها ومعرفش ممكن أو إزاي ممكن تمشي ! في اليوم ده رفعت الكاميرا لفوق والتقطت آخر صورة شخصية ليا في الشغل مع مكتبي اللي مكنتش عارفة ممكن أرجع له تاني ولا لأ !
طقوس ما قبل الولادة

تحضيرات ما قبل الولادة
في الأسبوع الأخير قبل الولادة كنت متوترة جدا، لدرجة إني كنت بنضف كل حاجة وأرتب كل حاجة تقابلني وصلت إني خرجت أنضف أبواب الجيران اللي جمبي في الدور وألمعها، كنت عاوزة كل تفصيلة تكون استثنائية وكاملة لما بنتي تيجي للدنيا، التوتر كان بيقل لما أفتح دولابها وأتفرج عليه، قررت إن هدومها تكون مع هدومي في دولابي، وقفت ساعات طويلة أرتب وأنسق وأرص، رغم التورم الشديد في رجلي لكن قررت أسجل النتيجة النهائية بكاميرا الموبايل، مع ضوء بسيط وجودة قليلة للصورة لك مجرد النظر للصورة كان بيسعد قلبي ويهدي أعصابي.
شنطة الولادة

تحضيرات شنطة الولادة
اخترت بعناية شديدة حاجات معينة لشنطة الولادة، نفس الشنطة حطيت فيها مشاعري اللي قررت إنها ماتأثرش على اللي حوليا، أخدت قراري إني مش هابلغ حد بميعاد ولادتي حتى أمي، عشان ماتقلقش ولا تخاف، أنا كفيلة بكل المشاعر السلبية وأٌقدر أتغلب عليها.
قيصرية للمرة التانية

ولادة قيصرية للمرة التانية
ولدت قيصري، للمرة التانية، كنت واعية أثناء الجراحة، كان الطبيب العزيز الدكتور عمرو حسن، والممرضات شغالين، لكن أنا مكنتش حاسة بأي شيء غير القلق والضعف، لحد لما شوفتها، وحسيت في اللحظة دي إن في شخص أضعف مني، كانت خايفة وبترتجف وبتعيط من الخوف.
بمجرد لما لمستها، هديت فورا، حسيت في اللحظة دي إني ساحرة، أقدر بلمسة واحدة من إيدي أعمل تأثير عظيم، حتى لو كنت نايمة بلا حول ولا قوة في أوضة العمليات، أنا مش ضعيفة زي ما حسيت، أنا قادرة أعمل سحر حقيقي بلمسة واحدة بس !
أول مرة أمشي

ما بعد الولادة
التجربة مكانتش سهلة بأي شكل، تأثير المخدر راح بسرعة واضطريت أقوم أقف مع جرحي المؤلم، وأمشي، كانت لحظة من الجحيم لذلك حاولت أصرف انتباهي لأي حاجة تانية، لذلك فتحت كاميرا الموبايل وصورت الكانيولا اللي صادف إنها خضراء لون هدومي، في اللحظة دي حسيت بتحسن بسيطة.
في اليوم ده مكنش جمبي غير جوزي اللي نام من شدة التعب، لأني ولدت بالليل بعد الفطار في رمضان 2019 وكان جمبي صديقتي المقربة اللي اضطريت ترجع لبيتها لأنها سايبة بنتها الرضيعة، لاقيت نفسي لوحدي مع كنزي الصغير، بشيلها وأسكتها وأرضعها وأغيرلها لوحدي وأنا في أكتر لحظات حياتي شعورا بالألم مع جرح مفتوح، لذلك قررت أسجل اللحظة دي.. لحظة قوة نادرة.
أول ابتسامة

أول ابتسامة لبنتي
أخيرا رجعنا للبيت، كنت سعيدة جدا لأني قدرت أسجل أول ابتسامة لبنتي في أول 24 ساعة من عمرها، كان الكل نايم ابني وزوجي وأمي اللي عرفت أخيرا إني ولدت، الكل كان نايم ماعدا أنا كنت صاحية بفكر كتير جدا.
الحقيقة في الشمس

إيدينا في الشمس
لما بصيت في المراية اكتشفت إني شاحبة جدا، فقدت دم كتير في الجراحة، وفي ضوء الشمس كنت قادرة أشوف أثر التجربة بالكامل على إيدي اللي اتحولت للون الأصفر، لكني قررت أصور إيدي جمب إيد بنتي، الصورة دي تحديدا قالتلي إن كل حاجة هاتبقى أحسن مما أتخيل.
انتصارات صغيرة

انتصارات صغيرة
مجرد إني أبوسها ألمس بشرتها اللطيفة، ده كان أكتر مسكن بيريحني ويزيل عني الألم، بالطريقة دي بدأت أستعيد حياتي العادية بالتدريج.
أغسل الهدوم أطبخ الأكل، اعتني بالبيبي وبيا، كل ده مامنعنيش إني أسجل بصورة أول مرة تلمس فيها الشمس هدومها.
واحدة من أهم اللحظات اللي عيشتها بعد الولادة، لما قدرت أهديها من انتفاخ بطنها، و من شدة الألم لقمة الراحة، كانت نايمة زي الملاك على كتفي في منتهى السعادة، ممكن الموضوع يبان بسيط لكنه كان إنجاز عظيم بالنسبة ليا.
محاولات للمقاومة

أول أشكال المقاومة
المقاومة أفعال مش كلام، لذلك قررت بعد أسبوعين من الولادة إني أنا اللي أعمل الزيارات العائلية ماستقبلهاش، المسألة مكانتش سهلة لأني مكنش عندي عربية، ولا سهل أطلب أوبر، وبضطر أركب مواصلات عادية، لكن قدرت أعملها، إنجازي الصغير المشجع جدا.
أول عيد مع النونو

أول عيد مع البيبي
رمضان كان قرب يخلص وداخل العيد قررت إني هاخبز لأبني الكبير اللي خف قريب من حساسية الطعام كحك العيد اللي بيدوقة لتالت مرة في حياته بالكامل، شكل الصاج وعليه البيتي فور والمخبوزات حسسني بشعور رائع… أنا أٌقدر أعمل حاجات جميلة جدا.
مع أول يوم العيد صحيت لوحدي قبل الكل وقررت أفطر مع رفيقة حياتي، قطعة قلبي اللي طولها مايكملش طبق كحك وكوباية شاي بلبن… كانت هي عيدي الحقيقي بعد الصيام جه العيد وبعد التعب جاتلي سلمى.
دراسة من جديد

كورس إنجليزي بعد الولادة
في اللحظة دي أخدت قراري إني لازم أبتدي رحلتي الحقيقية مع بنتي، شيلتها على كتفي وروحت معاها للمركز اللي كنت بروحه خلال الحمل، عشان أكمل كورساتي، وسألتهم هل أقدر أحضر مع بنتي، وفعلا حسيت براحة عظيمة لما قالولي “أيوة تقدري تحضري بيها”.
بدأت الدورة في نص الصيف، كانت الحرارة رهيبة، لكن اكتئاب ما بعد الولادة كان بيهاجمني، حرارة الجو مكانتش أكتر قسوة منه، لذلك قررت أكمل تعلم مهما كانت الظروف صعبة، لأن البديل حقيقي أصعب.. لو ملقتش نفسي محدش ممكن يلاقيني
لو كانوا رفضوني !

محاولات للتعلم
وسط الطلبة كنت قاعدة وشايلة بنتي حديثة الولادة بتعلم وبسكتها من وقت للتاني لما تبكي، في البداية كنت بتوتر لكن مع الوقت حسيت إني صح، التعلم هو أحسن طريقة للتغلب على الاضطرابات اللي كانت في انتظاري، كل مرة كنت بنجح أتعلم شيء ولو بسيط كنت بحس بتحسن وإن الحياة لسة عندها حاجات أجمل تقدر تقدمهالي وأنا كمان أقدر أقدمها ليها.
حاولت أتخيل لو كانوا رفضوني زي أماكن كتير جدا مش بتسمح للأمهات اللي عندهم أطفال رضع بالدخول.. كان حالي هيكون عامل إزاي.. !
النجاح بعد التعب

النجاح بعد التعب
في اليوم الأخير من المستوى الثامن كنت قلقانة جدا، رفعت الكاميرا وصورت نفسي جوه الميكروباص أنا وبنتي في طريقنا للامتحان.. بصيت للصورة وحسيت إن كل حاجة هتكون كويسة.
أخيرا عملتها، نجحت في الاختبار وعديت المستوى التامن بنجاح، وحسيت إنها أول خطوة في مشوار خلاصي من الحزن.. قررت أحتفل، حطيت مكياج لأول مرة من وقت الولادة، وأخدت أولادي وروحت الملاهي، ابني كان سعيد جدا لأن أمه سعيده، بنتي كمان رغم إن عمرها شهور كات سعيدة وبتبتسم.
قطعة مني !

صغيرتي التي تشبهني
رفعت الكاميرا وصورتني أنا وهي وأكتشفت لأول مرة إنها تشبهني.. أنا مش لوحدي عندي صديقة وحبيبة وروح عظيمة شايلاها في حضني اسمها سلمى.
بدأت أتعلم تاني

استئاف التعليم من جديد
استأنفت خطتي التعليمية، المرة دي بدأت أتعلم حاجة جديدة، ودخلت مدرسة إدارة وتحليل وتمثيل البيانات الاجتماعية، واظبت فيها على الحضور مع بنتي لمدة شهر.
التكريم بصحبة النونو

التكريم في الإسكندرية
حاجة من الحاجات اللي عملتها ونسيتها بعد ولادتي، هي إني شوفت إعلان عن مسابقة لكتابة مقال نقدي عن مسرحية بعنوان “لا مخرج” للفيلسوف والكاتب المسرحي الفرنسي جا بول سارتر، بتنظمها مكتبة اسكندرية وبالفعل شاركت وبعت المقال ونسيت كل حاجة عنه.
في شهر سبتمبر جاتلي مكالمة من مكتبة الإسكندري بتهنيني عن فوز مقالتي بالمركز التالت، مكنتش مصدقة نفسي، سافرت مع بنتي اسكندرية لوحدنا، كانت لحظة رائعة لينا مع بعض على البحر.. أخيرا بحر
اقرأي أيضا: تجربتي: حكاية ابي مع حساسية الطعام
التعليق باستخدام حساب فيس بوك