محتويات المقال
الشهر الخامس في الحمل شهر له علامة مميزة. صحيت الصبح وبصيت في تطبيق متابعة الحمل على الموبايل كعادتي كل يوم. بشوف عدى كام يوم وناقص كام يوم، وآخر تطورات البيبي إيه. عندي شغف وفضول رهيب عن كل حاجة بتحصل جوه بطني، لدرجة إني باقضي تقريبًا ساعة كل يوم الصبح باقرأ بس عن تفاصيل الحمل وتطورات الجنين. تعلق لم يسبقه في حياتي تعلق بشيء زيه.
تجهيزات ما قبل السونار
تخيلت شكل الجسم والوش، عيشت لقطات من حياتنا سوا، بنعمل إيه أول ما نصحى وبنلعب إزاي مع بعض. خيالي جرجرني لأماكن بعيدة بعد سنين وسنين هنبقى صحاب ازاي ونخرج ونتكلم ونعمل شوبينج ونلعب رياضة سوا. انتظار لليوم اللي هاشوف فيه… بنتي. اخترت الاسم، وما اختارتش اسم ولد من كتر الثقة! جه اليوم الموعود، أول زيارة للدكتور في شهري الخامس، عملنا السونار، شكله 60% ولد.
ولد!!!
لأ لأ، دول 60%، يعني مش أكيد. إن شاء الله بنت!
جه يوم سونار الرباعي الأبعاد. الدكتورة: ماشاء الله ده ولد ولد يعني
ولد! انتم بتهزروا يا جماعة؟! إزاي يعني؟! أنا مستنية بنت! يعني إيه ولد أصلًا؟
بعد اكتشاف نوع الجنين
اليوم ده عدى وراه أسبوعين من الاكتئاب ومحاولات إنكار للواقع، ممزوجة بأفكار سلبية لدرجة متطرفة. فتحت الإنترنت أدور على اللي بيحصل لي ده، محاولة مني لفهم مشاعري وأفكاري. فعلًا لقيت حالة اسمها Gender Disappointment بتوصف بالظبط اللي مريت به: خيبة الأمل بسبب نوع الجنين، حالة معترف بها في علم النفس وتم عليها دراسات كتير.
أينعم هي مش حالة منتشرة ولا مشهورة ومعروفة زي باقي الحالات من اكتئاب والزهايمر وأزمة منتصف العمر، ولكنها حالة بتعدي بها ستات كتير جدًا والمفاجأة إنها ما لهاش علاقة بهرمونات الحمل، لإن فيه رجالة كمان بيمروا بها. وده في حد ذاته ريحيني شوية! لو تفتكروا معايا فكرة العار من خلفة البنات وموضوع وأد البنات والكلام ده كله، هو يعتبر من تاريخ الـGender Disappointment ولكن في شكله المتطرف. تخيلوا بقى إن لازال للقصة آثار!
الموضوع ده ممكن ناس كتير تحس به ولكن ممكن تنكره أو تقلل من شأنه وتتجاهل مشاعرها لكذا سبب. وفعلًا الشعور ده عند الأغلبية بيروح لحاله بعد فترة قصرت أو طالت. وأغلبها بيختفي تمامًا بعد رؤية الطفل والارتباط به.
طيب طالما هي فترة وتعدي، بنتكلم في الموضوع ليه؟
لإن اللي عدى بنوع خيبة الأمل دي، عارف قد إيه هو شعور سيئ. الشعور ده مش بيجي لوحده، شعور خيبة الأمل من نوع الجنين يصحبه شعور بالذنب لوجود إحباط لسبب زي ده أصلًا وشعور بالإحراج في التعبير عنه. ولو عبرنا عنه، غالبًا هنحتاج نتعامل مع أنواع ردود فعل ذات خاصة الرفض والإنكار، واحمدوا ربنا أصلًا إن البيبي سليم وإن في بيبي أصلًا. مما يؤدي لجرعة أكبر من الشعور بالذنب ومقاومة للإحباط. بينما أقصر طريق للتخلص من الشعور (زي أي مشاعر ثقيلة تانية) هو تقبله ومواجهته ومحاولة فهمه بدل من مقاومته ومحاولة إنكاره والهرب منه.
قمت بقراءات ومحاولات كتيرة لفهم كيفية التعامل مع هذا النوع من خيبة الأمل واللي ساعدني إني أعدي المرحلة دي في خمس أيام لأسبوع تقريبًا، تحولت من واحدة بابكي كل ليلة قبل النوم – ما عنديش رؤية لحياتي مع الولد هيبقى شكلها إيه، وغير مهتمة بالمرة باختيارات مهمة تخصه زي اسمه، لبسه، غرفته، حتى صحته، واحدة بتتجنب رؤية أي بنت أو مستلزمات أطفال للبنات أو حتى الكلام عن أي بنوتة، واحدة التواصل بينها وبين اللي في بطنها اتقطع تمامًا بعد ما كان فيه تواصل يومي بينها وبينه – لواحدة متحمسة جدًا لرؤية ابنها، بتدخل كل المحلات وتتفرج على مستلزمات البنات عادي جدًا وتروح تشتري من قسم الولاد وهي مبسوطة جدًا. بتحمد ربنا كل يوم قبل ما تنام على إنها حامل في ولد أصلًا مش بنت. طبعا الحالة دي تتفاوت درجتها من شخص لآخر، ممكن الموضوع يعدي في يومها ويخلص، وممكن ناس تقضي وقت طويل فيه. لو الموضوع مطول معاكي، فالمقالة دي عشانك
هشارككم نتيجة بحثي في الموضوع ممزوجة بتجربتي في النقط التالية في شكل خطوات للتعامل مع المرحلة في حالة إنها طولت وسببت حاجز عن الاستمتاع بتجربتك مع الحمل:
- تقبل الشعور: كل شعور بنرفضه، بنقاومه أو بنخاف منه، بيقوى علينا ويتحكم فينا أكتر. قبول الشيء أيًا كان هو إيه بيقلل من حجمه بنسبة 50%. كل ما تلاقي نفسك بتقاومي، خد نفس عميق وما تتحاوريش معاه. اعتبريه ضيف، وإكرامه الصمت.
- فهم الأسباب وتحدي الأفكار المترسخة: أي شعور بيتولد جوانا بيكون وراه فكرة مزروعة في مخنا. لو فهمنا الأفكار اللي أدت للشعور ده، هنقدر نختبر الأفكار دي، واللي غير مفيد أو غير حقيقي منها، هنقدر نبدله بأفكار تانية تولّد جوانا المشاعر الإيجابية اللي عايزينها. بالنسبة لي كانت صورة لحياتي لعشرين سنة قدام مع بنتي بالتفاصيل. وفجأة الصورة اختفت والشاشة بقت مشوشة وأنا واحدة باحتاج أتخيل خطواتي الجاية شكلها إيه عشان أكون متحمسة لها. فكل اللي احتاجته إني أخد شوية وقت و ارسم تخيل جديد. لما جيت أرسم التخيل الجديد، لاقيت عندي شوية معتقدات خاطئة: إن البنات أظرف والولاد غلسين، إن البنات يعني دلع والولاد ناشفين، إن لبس البنات أحلى ولبس الولاد أي كلام، إن البنت هتشاركني حاجات كتير لما نكبر والولد هيبقى مع أبوه معظم الوقت. الخطوة الجاية هي اللي ساعدتني أبدّل المعتقدات دي بأفكار جديدة ساعدتني أرسم الصورة بسهولة وولدت جوايا شعور بالحماس من تاني.
- الكلام مع شخص متفتح: مش أي حد نتكلم معاه لو هنتكلم في موضوع شائك! أو غير مقبول اجتماعيًا قوي! احنا بنتكلم عشان نرتاح، وعشان اللي قدامنا يتقبل كلامنا زي ما هو بدون أحكام علينا. لما بنتكلم مع الشخص الصح، بيساعدنا أولًا نتقبل مشاعرنا، والمرحلة اللي احنا فيها، غير مساعدتهم لينا على تبديل أفكارنا بأفكار تانية تخدم الموقف اللي احنا فيه. بالنسبة لي، بعد الكلام مع جوزي وصديقتين، واحدة مخلفة ولاد وواحدة مخلفة بنات، أفكار كتير مختلفة اتزرعت في مخي ساعدتني أتقبل وأحب فكرة إن هاخلف ولد. بس ده ما كانش هيحصل غير بالنقطة الجاية.
- الاستعداد والانفتاح: مفيش أي حاجة هتنفع واحنا عاندين ومتربسين دماغنا. أول هدف لنا للخروج من الأزمة دي هي إن نيتنا حقيقي تكون إننا نعدي منها (من غير ما نكون رافضينها نفسيًا). وقتها، السكة هتفتح قدامنا، وهنلاقي طرق نمشي فيها، والعكس صحيح.
- ثق/ثقي في قوتك وقدرتك على الحب والعطاء: زي ما قلنا، خيبة الأمل بسبب نوع الجنين هي في الآخر فترة حتى لو طالت مدتها، هتنتهي مع وقت مقابلة البيبي، يوم الولادة أو حتى مع الوقت، مع التواصل، ورؤية التطور اللي بيحصل لهم، وحبهم غير المشروط للأم والأب، مشاعر كتيرة جديدة بتتولد، بتنهي شعور الإحباط وبيصبح ذكرى مش فاكرين منها غير إنها كانت فترة غريبة وعدت.
أهم نقطة هي إن لكل نوع، ولد أو بنت، طعم وحلاوة وميزة، ومخنا بيصدق اللي بنقوله له، اللي هنركز فيه هو اللي هنلاقيه، سواء قبل الولادة أو بعدها.
تابعوني على مبادرة “كلاكيت أول بيبي” على الفيسبوك، واللي هدفها رفع مستوى الوعي عن صحتنا النفسية والمحافظة عليها كآباء وأمهات جدد.
1 comment
ماينفعش نقول علي نعمة ربنا ( خيبة أمل) زي وصف المقال لمجرد ان جنس الجنين كان غير المرجو و غير تخيلات الأم او الأب ..دي نعمة والمفروض الواحد يشكر ربنا عليها ..محدش عارف الخير فين ..لما ربنا يديك نعمة اشكره عليها بنفس راضية و احمده علشان يبارك لك فيها ….